1. ماهي ملامح الشعر العذري مقارنة بالنزعة الثانية في الغزل الأموي المسماة ب" الشعر
الصريح أو الحسي"؟
من ملامح الشعر العذري أنه يمتاز بالطهر و العفة والبعد عن الفحش ويُعزى ذلك إلى الإسلام الذي نقّى النفوس وسَمَى بها عن الدنايا وإلى الحياة البدوية التي عاشها الناس بعيدا عن المدنية المترفة بمباهجها ولهوها، فعصمتهم بداوتهم وإسلامهم من الحب الذي تدفع إليه الغرائز إلى حب عفيف يسمو على رغبات الجسد. و يعبر أيضا عن حب مثالي مجرد من أي غايات وعن النهاية المحزنة و الوفاء للحب اليائس.
أما الشعر الحسي أو الصريح فهو التعبير عن محاسن المحبوبة، و يكثر من أوصاف الجسد كوصف العين، والشعر، والخد، و الطول، و العنق، والوجه، و غير ذلك. و فيه رصد للمغامرات و الأحداث الغرامية، و المواقف الطريفة في حالات الغزل، و قد يصف الشاعر ملابس المحبوبة و الجواهر التي تلبسها و تتزين بها و المكان الذي كانت تعيش فيه. و يكون التعبير الشعري فيه تعبير مباشر.
2. هل هناك آثار تركها شعر مجنون ليلى على الشعر العربي التراثي منه و الحديث؟ و ما تأثير الشعر العربي العذري على شعر "التروبادور" في أوروبا؟
نعم، لقد أثّر شعر مجنون ليلى على الشعر العربي القديم منه و الحديث و ذلك بظهور فنون شعرية جديدة مشابه له في الأسلوب، فشعره يمتاز بالغزل و البكاء على الاطلال و كثرة الوصف ، فظهر الشعر العذري في العصر الاموي و الذي يشبه شعر مجنون ليلى في التعبير عن حب المحبوبة إلا أنه يمتاز بالعفة و الطهارة. و كذلك ظهورالشعر الصريح أو الحسي الذي يشبه شعر مجنون ليلى في التعبير عن محاسن المحبوبة. و في العصر الحديث، ظهر العديد من الشعراء اللذين اشتهروا بقصائد الحب و وصف المحبوبة و الرومانسية كنزار قباني و أحمد شوقي و غيرهم.
كان هناك تأثير كبير للشعر العربي العذري على شعر التروبادور في اوروبا، فلما امتدت الدولة الاموية الى الاندلس انتشر الشعر العربي العذري في اوروبا و أدى إلى ظهور التروفييرز في شمال فرنسا و اللذين ألفوا قطعا أدبية بأسلوب قريب جدا من أسلوب مجنون ليلى و الشعر العربي العذري.
3. علق على الأبيات التالية:
كأني غداة البين يوم تحمّلوا***لدى سمرات الحي ناقف حنظل
وقوفا بها صحبي علىّ مطيهم***يقولون لا تهلك أسى و تجمّل
وإنّ شفائي عبرة إن سفحتها***وهل عند رسم دارس من معوّل
كدينك من أم الحويرث قبلها***وجارتها أمّ الرباب بمأسل
كأني "غداة البين" أي لحظة رحيل أصحابه و فراق محبوبته "يوم تحمّلوا" أي يوم تجهّزوا للرحيل "لدى سمرات الحي" و السمرات هي أشجار الصمغ العربي " ناقف حنظل" و الناقف هو مستخرج الحب، والحنظل هو نبات صحراوي له حرارة تدمع منها العين. و يصف الشاعر لحظة الفراق و هو يقف في حيرة وذهول وقفة جاني الحنظلة ينقفها بظفره و يستخرج منها حبها و تحمّر عيناه من حرارة الحنظل فيبدو باكيا متحسرا. "وقوفا بها صحبي عليّ مطيهم" ويصف أصحابه كيف ركبوا على مطيهم وهي واقفة محبوسة، والمطي هي الإبل، أمّا هو فقد ظل في مكانه مذهولاً يبكي. "يقولون لا تهلك أسى و تجمّل" و التجمّل هو الصبر و التحمل. وهنا يأتيه أصحابه وينظرون إليه وينصحونه بالصبر و التحمل و يقولون له هيّا للسفر والذهاب عن المكان. " و إنّ شفائي عبرة إن سفحتها" و العبرة هي الدمعة، و سفحتها أي مسحتها، فهو يشعر بالراحة عندما يمسح الدموع من على وجهه " وهل عند رسم دارس من معوّل" و المعول يعني المبكي و قيل المستغاث. و يقصد الشاعر بذلك أن البكاء على الرسوم لا يجدي شيئا فلا ينبغي أن يبكي و يعوّل عليه. " كدينك من أم الحويرث قبلها وجارتها أمّ الرباب بمأسل " و الديّن هو العادة، و أم الحويرث هي أخت الحارث بن حصين ضمضم، و المأسل هو الموضع و يعنى بذلك انه كان كالعادة يلقى من هذه الحبيبة ماكان يلقى من أم الحويرث و جارتها أم الرباب و يدل ذلك على أن عنده أكثر من حبيبة.